رحلة حج قام بِها الكاتبُ العظيم صاحب كتاب (حياة محمد ) منذ حوالي خمساً و ثمانين سنة.،حكى فيها تفاصيل هذه الرحلة منذ أن خرجَ من مصر من ميناء السويس، وحتى نزولهِ ميناء جدّة ومنهُ إلى مكة ثمّ إلى باقي مناسِك الحج. وقد كان الحجّ في تلكَ الايّام يتمُّ بقوافل الجمال و على الأقدام أحياناً، فالسيّارات كانت قليلةً جداً. يتحدث الكاتب عن تفاصيل كثيرة وغريبة أحياناً، فقد كانَ مُتاحاً للحجّاج دخول الكعبة والصلاة فيها. يعتبر الكتاب وثيقة تاريخية وأدبية فريدة في أسلوبها، عظيمة في أثرها، غنية ووفيرة بما تحمله من معانٍ جمَّة، ورُوحانيات عالية، تسمو بالنفس لتطوف بها حيثُ طاف النبي وصحبه. يحمل لنا الكاتبُ هنا كثيرًا من المعاني التي جاشت في خاطره أثناء زيارته لمهبط الوحي وموطن الرسالة المُحّمدية، فكانت خواطر مليئة بالإيمان تبحر بنا في أعماق الماضي بصورة حديثة، وهذه شهادة لم يكتمها «هيكل»، على خلاف ما كان يعتقد من إيمان عميق بالثقافة الغربية ونبذ للثقافة العربية، وهو أحد مَن كانوا يتَلمَّسون العلم والمعرفة لدى الغرب، ولا يجدون في غيره الفلاح، حتى إذا سطعت أمامه الحقيقة في أسمى معانيها آثر أن يكشفها لأبناء وطنه الكبير، أبناء الأمة العربية والإسلامية.