من زمان ومكان بعيدين، وجه "طه حسين" كلماته لأبناء عصره، وظل صداها يتردد حتى يومنا هذا. فكتابه الذي بين أيدينا ينقل صورة عن الواقع المصري في عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين، وقد صوره "عميد الأدب العربي" عبر منظار واع، تبتعد عدساته وتقترب لتحتوي الصورة كاملة، ومن ثم يشرك القارئ في دراسة تلك الصورة وتحليلها؛ لتسفر القراءة عن رؤية فكرية لها ما يميزها، وتصلح درساً للأجيال المتعاقبة على مر العصور. من باريس، وبلجيكا، ومن سياحاته العديدة، كان العميد يكتب خواطره التي أثارها التنقل والاغتراب، وقد أتاح له اختلاف الثقافات التي عايشها أن يعيد النظر في الكثير من الشؤون الثقافية والسياسية، وأن يعود بتصور أعمق للعلاقة بين العلم والدين، وقدرة على التفريق بين الجد والهزل.