ضمن اهتمامه بالحضارات القديمة، يقدِّم لنا «جُرجي زيدان» خلاصة تاريخ دولتيْ اليونان والرومان، مع التأريخ لعاداتهم وطبائعهم، علومهم وفنونهم، علمائهم وفلاسفتهم، فضلًا عن موطنهم الجغرافيِّ وتوسُّعاتهم. يبدأ الكتاب بوصف قارَّة أوروبا كواحدة من قارات العالم القديم، وخصائصها الديمغرافية، ومراحل تمدُّنها، ومنها ينتقل إلى بلاد اليونان، حيث يقف على نشأتها ونموِّها، وأهم معالمها من عمران واقتصاد وشرائع، كما يتطرَّق إلى أهم شخصياتها، وكذلك حروبها الشهيرة وفتوحاتها، وصولًا إلى ما آلت إليه في العصر الحديث. وبالمثل يعرض لبلاد الرومان، ويُجمِلُ في جدوالَ أهمَّ الأحداث والمحطَّات التاريخية لكلٍّ من الدولتين مرتبة حسب سنة وقوعها من الأقدم إلى الأحدث. يتميَّز الكتاب بغزارة المعلومات الواردة فيه وحسن ترتيبها، دون حشوٍ أو تطويل، الأمر الذي يجعله مناسبًا للاستعانة به كمرجعٍ مفتاحيٍّ يُستخدم كمدخل للقراءة التاريخية المتعمِّقة. تم تقسيم الكتاب إلى ثلاثة أقسام : — قارة أوروبا. — بلاد اليونان. — مملكة رومية. مقطع من الكتاب : " ديانة قدماءِ اليونان وخرافاتهم. وصلنا في ما تقدم من تاريخ اليونان إلى معظم مجدهم، فلنتبين كيف كان انقلاب دولتهم،وقبل ذلك نذكر شيئًا عن ديانتهم وأشياء أخرى تتعلق بهم،كان يعتقد اليونان بثلاثة صفوف من الآلهة وهي السماوية والبحرية والسفلى،وكانوا يظنون أن الأولى تسكن في أعالي السماء، والثانية في البحر، والثالثة في الأماكن المظلمة تحت الأرض. وكان لديهم فضلًا عن هذه الآلهة أنواع أخرى من الآلهة السفلى التي كانت تسكن الأحراج والينابيع ومجاري المياه، فالآلهة السماوية هي جوبيتر وأبولو والمريخ وعطارد وباخس وفلكان ويونيو ومنارفا والزهرة وديانا وسيرس وفستا، وأعظم هذه الآلهة جوبيتر، وكان اليونانيون إذا حصل رعد أو برق يظنون أن جوبيتر قد غضب عليهم، وكانوا يحتفلون مرة كل أربع سنوات احتفالًا شائقًا يلعبون فيه ألعابًا يدعونها ألعاب الأولمبوس، وهي عبارة عن صفوف من المشاة والفرسان وراكبي المركبات يتسابقون ويتصارعون ويتبارون، وكان من أشرف الأمور عندهم أن ينال أحدهم الجائزة في ألعاب الأولمبوس"