قد يتوهم قارئ عنوان الكتاب أنه لن يجد فيه إلا مجرد ديانة واعتقاد غابر. ولكن الباحث في تاريخ قدماء المصريين يدرك ما كان للديانة والحياة الآخرة من عظيم الأثر في مدنية القوم وعلومهم وفنونهم وآثارهم وسائر مرافق حياتهم، لما بين هذه وتلك من وثيق الارتباط. ولولا معتقدات المصريين الدينية لما رأينا تلك المعابد والمقابر والأهرام والتماثيل والجثث المحنطة وطرق الفن وغير ذلك.
فالمطلع على هذا الكتاب لن يقف على معرفة ديانة أجداده القدماء فحسب، بل إنه سيعرف كل ما تتوق إليه نفسه من أسرار مدنيتهم وبراعتهم الفنية. هذا إلى أنه سيقف على نشوء وتدرج الديانة المصرية وتأثيرها في فلسفة اليونان والرومان ومدنيتهم، ويدرك فضلها على ديانات العالم قديماً وحديثاً.
لهذا الكتاب قيمة لا يعد له فيها غيره؛ فإنه مجموع محاضرات ألقاها في أكثر من ثماني عشرة جامعة أمريكية ذلك الفيلسوف الألماني الفذ والعالم الأثري القدير "استيندرف" أستاذ اللغة المصرية في جامعة ليزج وصاحب المؤلفات القيمة ومدير أكبر مجلة مصرية أثرية في العالم، فحازت محاضراته أعظم إقبال.