الخنوع، والكلام الذي يُمسِي خاويًا بسبب افتقاره للنغم والإيقاع، بحسب تأكيد روسو، يساعد أيضًا على خلق بشر خاوين من الداخل. لقد أمست لغات أوروبا الحديثة مناسبة وحسب للحديث العادي على مسافات قصيرة، كالثرثرة العقيمة للذِينَ يُتَمْتِمون وحسب بوهنٍ بعضهم لبعض بأصوات تفتقر إلى التنغيم، ومن ثم تعوزها الروح والعاطفة أيضًا. وبينما استسلمت لغتنا إلى فقدان سماتها الموسيقية، فقدت حيويتها ووضوحها الأصليين، وأضحت لا تتجاوز كونها محض همهمات واهنة لأشخاص يفتقرون إلى قوة الشخصية أو الغاية. وإذا كان هذا هو الجانب الخاص للغاتنا المعاصرة، فما زال تجليها العام، بحسب روسو، أثقل وطأة وأكثر تعسفًا. فبالنسبة إلى الذين يحكمون آخرين وليس لديهم ما يقولونه هم أنفسهم، ليس بوسعهم الكثير عندما يجتمعون بالناس غير الصياح فيهم ووعظهم، بألفاظ مُغالًى فيها وعصيَّة على الفهم. إن بيانات حكَّامنا ومواعظ رجال ديننا تُسيءُ باستمرار استغلال أحاسيسنا، وتصيبنا بخدر المشاعر، وأمستِ الخُطَب والمواعظ الملتوية التي يُلقِيها الحُواة من العلمانيين والمتدينين الشكل الوحيد للخطابة الشعبية في العالم الحديث
الناس يتحدثون بالموسيقى