لم يخل عصر أدبي في حياة الأمم، التي كان لها نصيب من الأدب وحظ في إتقان القول وإجادته، من هذه المسألة «مسألة القدماء والمحدثين» ولم تظهر هذه المسألة في عصر من العصور أو عند أمة من الأمم، إلا أحدثت خلافًا عظيمًا وجدالًا عنيفًا، وقسمت الأدباء على اختلاف فنونهم الأدبية أقسامًا ثلاثة: قسم يؤيد القدماء تأييدًا لا احتياط فيه، وقسم يظاهر المحدثين مظاهرة لا تعرف اللين، وقسم يتوسط بين أولئك وهؤلاء، ويحاول أن يحفظ الصلة بين قديم السنة الأدبية وحديثها، وأن يستفيد من خلاصة ما ترك القدماء، ويضيف إليها ما ابتكرت عقول المحدثين من ثمرات أنتجها الرقي، وأثمرها تغير الأحوال وتبدل الظروف. طه حسين